كتبت: غادة أشرف

في خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون العربي، قام الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، بزيارة رسمية إلى العراق في عام 2024. تأتي هذه الزيارة في وقت حاسم، حيث تسعى كل من العراق ومصر إلى توطيد علاقاتهما وتعزيز الشراكات الاقتصادية والسياسية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وقد عكست هذه الزيارة رغبة البلدين في تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة، البنية التحتية، الأمن، والتعليم.

_محاور الزيارة وأهدافها

ركزت زيارة مدبولي على عدة محاور رئيسية، أبرزها تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة في مجالات البنية التحتية، الطاقة، والنقل. وقد شملت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة في مجالات حيوية، أبرزها في مشاريع إعادة الإعمار في العراق، والتي تعتبر من أولويات الحكومة العراقية بعد سنوات من النزاع المسلح.

كما كان التعاون الأمني جزءًا أساسيًا من هذه الزيارة، حيث تم بحث سبل تعزيز التنسيق بين الجانبين في مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب. وقد تمت مناقشة تعزيز التعاون بين القوات الأمنية العراقية والمصرية في تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ عمليات مشتركة في مواجهة الجماعات الإرهابية، خاصة تلك التي تهدد الاستقرار في العراق والمنطقة.

.. التعاون في مشاريع البنية التحتية وإعادة الإعمار

من أهم ما تم مناقشته خلال الزيارة هو سبل التعاون في مجال البنية التحتية، حيث تُعتبر الشركات المصرية من الشركات الرائدة في مجال البناء والتشييد، وقد أبدت الحكومة المصرية استعدادها للمساهمة في مشروعات إعادة الإعمار في العراق، خاصة في المناطق التي تضررت جراء الصراعات.

وتم الاتفاق على تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات النقل، مثل السكك الحديدية، وأنظمة النقل العام، فضلاً عن التعاون في إنشاء مشاريع إسكانية لتلبية احتياجات العراق في إعادة بناء المدن التي دُمرت بسبب الحروب.

.. الإقتصاد والطاقة: فرص التعاون الواعدة

في مجال الاقتصاد والطاقة، ناقش رئيس الوزراء المصري مع المسؤولين العراقيين سبل تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، حيث تمت مناقشة مشروعات مشتركة في مجالات النفط والغاز. مصر التي تعد واحدة من أبرز الدول المنتجة للطاقة في المنطقة، يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تلبية احتياجات العراق من الطاقة، سواء من خلال توريد الغاز الطبيعي أو من خلال التعاون في مشروعات الطاقة المتجددة.

كما تمت مناقشة سبل تسهيل التجارة بين البلدين وتعزيز الاستثمارات المتبادلة في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي لكلا البلدين في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات اقتصادية كبيرة.

.. التعاون الثقافي والتعليم

على صعيد التعاون الثقافي والتعليمي، أكدت الزيارة على أهمية تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، وتنفيذ برامج تعليمية مشتركة، وخاصة في مجالات التعليم الفني والتدريب المهني. وقد تم بحث إمكانية التعاون في تطوير المناهج التعليمية وتنظيم برامج تدريبية للشباب العراقي في مصر في مختلف المجالات، وهو ما يمثل استثمارًا مهمًا في رأس المال البشري.

.. أهم الرسائل السياسية من الزيارة

حملت زيارة مدبولي إلى العراق رسائل سياسية هامة، في مقدمتها التأكيد على أن مصر تدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق، وتحرص على تعزيز العلاقات مع حكومة بغداد في إطار المصلحة المشتركة للأمن والاستقرار الإقليمي. كما كانت الزيارة تعبيرًا عن رغبة مصر في لعب دور محوري في تعزيز التعاون العربي والإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة.

من جهة أخرى، تعتبر الزيارة خطوة في إطار التحركات المصرية لتعزيز مكانتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما يتماشى مع استراتيجياتها الاقتصادية والسياسية. كما جاءت الزيارة في وقت حساس يتسم بتزايد التوترات في بعض دول المنطقة، مما يجعل تعزيز التحالفات الإقليمية أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وتُعد زيارة الدكتور مصطفى مدبولي للعراق في عام 2024 نقطة تحول هامة في العلاقات بين البلدين. فقد تم التوصل إلى اتفاقيات هامة في مجالات التعاون الاقتصادي، الأمن، البنية التحتية، والطاقة، ما يعكس رغبة البلدين في تعزيز الشراكة الاستراتيجية في مواجهة التحديات المشتركة. إن هذه الزيارة تمثل خطوة مهمة نحو بناء تحالفات عربية قوية تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط.